«حرب طويلة في غزة».. هل تدفع إسرائيل فاتورة الصراع؟
تشير إسرائيل إلى زيادة الضغوط التي تواجهها حماس، بينما يرى محللون أن الوضع في غزة يمكن أن يشبه التجربة المضطربة التي عاشتها إسرائيل في لبنان.
ومع ارتفاع عدد الشهداء في غزة إلى 30,000 شخص، وتزايد الانتقادات الدولية، تعتقد القوات الإسرائيلية أنها على وشك تحقيق النصر في هجومها على حماس.
ويقول ضباط ومحللون أمريكيون سابقون إن المقاتلين الفلسطينيين ما زالوا يقاتلون، وهذا قد يضع إسرائيل في مستنقع طويل يشبه الصراعات السابقة في لبنان.
وبعد مرور أربعة أشهر على الحرب، تقول إسرائيل إنها نجحت في تقويض قدرة حماس على القتال، حيث أودت الاشتباكات بحوالي 12,000 من أفراد جيشها الذي يضم حوالي 30,000 عنصر، وأدت إلى تدمير العديد من مخزوناتها العسكرية.
ويؤكد قادة ومسؤولون إسرائيليون أن حماس تواجه ضغوطًا متزايدة وتجد نفسها مقيدة في حركتها، حيث لا تستطيع تجديد أسلحتها أو تأمين ذخائرها بسهولة.
وفي هذا السياق، أوضح العميد دان غولدفوس، قائد فرقة المظليين 98 التابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي، لشبكة "إن بي سي نيوز" أن قادة حماس البارزين أصبحوا عاجزين عن توجيه قواتهم في القتال في الوقت الفعلي بسبب انعدام وسائل الاتصال الآمنة، مما أدى إلى فقدانهم القدرة على القيادة والسيطرة.
وفيما يتعلق بالشبكة الضخمة من الأنفاق تحت قطاع غزة التي تستخدمها حماس لتحركاتها العسكرية، أشار غولدفوس إلى أن القوات الإسرائيلية تمكنت من التحكم في الشبكة بشكل كبير، مؤكدًا أنهم ينفذون عمليات في الأنفاق الرئيسية.
ورغم تأكيد مسؤول في إدارة بايدن على تضرر قيادة حماس وبنيتها التحتية ومواقع تخزين الأسلحة بشكل كبير جراء العملية الإسرائيلية، إلا أنه يعترف بقدرة حماس المتبقية على القتال.
وعلى الرغم من الخسائر التي منيت بها حماس، إلا أن كبار قادتها لا يزالون على قيد الحياة، وتواصل المجموعة احتجاز أكثر من 100 رهينة إسرائيلي، والمقاتلة ضد القوات الإسرائيلية، وبناءً على تقديرات إسرائيل، لا يزال هناك حوالي 18,000 مقاتل حماس.
وتثير الخسائر الهائلة في السكان المدنيين في غزة، بما في ذلك العشرات الذين قتلوا أثناء هرعهم لشاحنات الإغاثة بحثًا عن الطعام، انتقادات عالمية لإسرائيل.
وفي نفس الوقت، أكد رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ لشبكة "إن بي سي نيوز" أنه تفاجأ عندما علم أن الجهود المبذولة لتطهير شبكة أنفاق حماس كانت محدودة جدًا، حيث لم يتم تأمين سوى جزء ضئيل منها، على الرغم من أنها قد تمتد لمسافة تصل إلى 300 ميل.
ووفقًا للسيناتور مارك وارنر، من الحزب الديمقراطي، فإن الكمية الضئيلة من الأنفاق التي تم إزالتها وتأمينها بالفعل لا تشكل سوى جزء قليل من الشبكة الكبيرة التي تديرها حماس.
من جهته، علق الجنرال المتقاعد جوزيف فوتيل، الذي قاد الحملة العسكرية للولايات المتحدة ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق، على تقديرات إسرائيل بأنها قتلت ما يقرب من 40% من مقاتلي حماس، مشيرًا إلى أهمية هذا الإنجاز وفي الوقت نفسه إلى القوة المتبقية لدى الحركة.
وعلى الرغم من التقدم الذي أحرزه الجيش الإسرائيلي، إلا أن هناك تحديات كبيرة تنتظرهم، مما يجعل الحملة العسكرية مستمرة وصعبة.
فمن الصعب تقدير الضرر الذي لحق بحماس خلال الأشهر الأربعة الماضية، ولم تتمكن الشبكة من التحقق من مزاعم الجيش الإسرائيلي بشأن عدد القتلى والخسائر بشكل مستقل.
بالرغم من ذلك، يعتقد بعض المحللين الأمنيين أن حماس لم تعد قادرة على الوصول إلى العديد من أنفاقها، ومن المتوقع أن تقوم إسرائيل بتدمير المتاهة الأسفلتية بمجرد انتهاء العملية العسكرية الحالية.
وبغض النظر عن النتائج العسكرية، تعرضت صورة إسرائيل الدولية لضربة كبيرة بسبب الخسائر البشرية في غزة، مما يجعل الهدف من الحملة أكثر تعقيدًا.
كما يعتقد آفي ميلاميد، مسؤول سابق في المخابرات الإسرائيلية، أن الهدف الرئيسي من الحملة هو تقليل النفوذ العسكري لحماس وقوتها، لكنه يشير إلى صعوبة تحقيق ذلك بشكل كامل.
ويرى بعض المحللين والمسؤولين الأمريكيين السابقين أن حماس قد تبقى قوية ومؤثرة حتى بعد الحملة العسكرية، مما قد يؤدي إلى تعقيدات سياسية وعسكرية أكبر في المنطقة.
وفي هذا السياق، يتساءل البعض عن مستقبل المنطقة وعن كيفية التعامل مع التحديات القائمة، مما يجعل اللعبة السياسية والعسكرية مستمرة بكل تعقيداتها وصعوباتها.