عادل متري : كيف نُنجح تجربة المدن و الأحياء الجديدة ؟..«رسالة»
إن زيارة واحدة إلي أيٍ من المدن و الاحياء الجديدة سوف ترى «بأم عينيك» كيف أن هذه الأماكن موحشة، و كيف تبدو أنها خالية من الأحياء و الحياة، و على سبيل المثال لا الحصر مدينة اسيوط الجديدة، كم هو مرعب إذا ساقك القدر لتمشي فيها بعد غروب الشمس، «قس» على ذلك؛ كل المدن الجديدة و الاحياء مثل «مدينتي و الشروق، و، و، و،.. الخ». إن الدولة بأجهزتها المختلفة مشكورة ـ و حسنا فعلت في انشاء هذه المجتمعات ـ و لكن اكبر خطا وقعت فيه الدولة أنها اعطت مهلة للانتهاء من التصميمات و مهلة اكبر للانتهاء من البناء و لكن لم تعط مهلة للسكن فيها و الإعمار، حتى اننا وجدنا هياكل خرسانية قائمة بلا روح و السبب الرئيسي : هو ان معظم الُملاك ـ و ليس الكل ـ هم من فئة «فكر المستثمر» و ليس الباحث عن السكن.
إذا كيف نُنجح التجربة؟ و لناخذ مثالا على ذلك مدينة العبور الجديدة، في ذات الوقت الذي تبدا فيه الدولة بإعطاء تراخيص البناء تقوم هي بالتالي:
1- انشاء مجمع مدارس حكومية بكافة مراحلها و بحجم ينظر الى المستقبل شاملة «ملاعب كرة قدم و طائرة و سلة و غيرها»، و يمنع منعا باتا بالبناء على هذه الملاعب تحت اي ظرف او مسمى على أن تكون المدارس الابتدائية عددها اكبر و يتم توزيعها على كافة احياء المدينة، و لكن بعدد فصول اقل، اما «الاعدادية» تكون بعدد مدارس اقل من الابتدائية و بحجم اكبر و هكذا ، على ألا يتعدى عدد طلاب الفصل الواحد ثلاثون طالبا و طالبة.
2- انشاء مستشفى حكومي كبير يشمل كافة التخصصات و على احدث الطرز العالمية.
3- انشاء اكثر من مركز شباب يحوي كافة الهوايات و الملاعب و الانشطة و حمامات السباحة و غيرها.
4- انشاء مجمع مصالح حكومية يحوي فروعا لكل الادارات الحكومية مثل الشهر العقاري و السجل المدني و الجوازات و المرور و مركز الشرطة و و و .. الخ بحيث يتمكن المواطن من انجاز كافة معاملاته في موقع واحد و شباك واحد دونما مراجعة المدينة الام او عواصم المحافظات او العاصمة الكبرى.
5- انشاء دور سينما و مسارح و مدينة ملاهي مصغرة و اما ان يديرها الحي او بالايجار او بالاستغلال.
6- انشاء اكثر من حديقة عامة بها ممشى رياضي ذات مطاعم و مقاهي بالايجار او حق الاستغلال.
7- انشاء مجمع لدور العبادة من المساجد و الكنائس و ملحق بكل منها مستوصف طبي باجر رمزي للعيادات الخارجية فقط مع قسم للطوارئ برسوم رمزية.
8- انشاء مجموعة من عمارات السكن الاجتماعي بتكلفة اقل تخصص فقط للعاملين بالانشطة السابقة سواء بالتمليك او التاجير.
9- الاولوية للعمل بالانشطة سالفة الذكر تكون لصغار الملاك كل حسب تخصصه و اذا لم يوجد يتم نقل العاملين اليها مع منحهم ما يشبه بدل اغتراب.
بجانب كل ما ذُكر اتمنى من الدولة: ان تقوم بمنح اراضي مجانية للجادين في اقامة مدارس خاصة او جامعات حكومية او خاصة او اقامة مراكز و مستشفيات و مستوصفات طبية مع منحهم اعفاء ضريبي لمدة 10 سنوات منذ بدء النشاط اما من يقوم ببناء مدارس تدريب مهني (لتخريج ذوي المهن مثل النجارة و الكهرباء و الحدادة و الميكانيكا و التكييف و السباكة ... الخ ) فيتم اعفاءه ضريبيا مدى الحياة.
و ياتي الحديث الان الى المراكز التجارية و التى جرى العرف في المدن الجديدة في اقامتها بعيدا عن مناطق السكن و سوف اعطي مثالا واحد و هو اذا احتاج احدهم الى شراء كيلو سكر او الى كيلو لحم او زجاجة زيت فسوف اما ان يستخدم سيارته و ما في من ذلك من استهلاك طاقة و ضياع للوقت او ان يركب مواصلات لشراء حاجته و ما في ذلك من تكلفة اضافيه و ضياع للوقت و الجهد و هنا ارى:
ان تقوم الدولة بالسماح للملاك باقامة انشطة تجارية في عماراتهم و لكن بشروط و ضوابط صارمة مثل تلك المطبقة على الصيدليات فعلى سبيل المثال ان يكون بين البقالة و الاخرى مسافة لا تقل عن مائة متر و هكذا باقي الانشطة مثل الجزارة و الصيدليات و الخياط و الكافيهات "الداخلية" و مراكز التعليم .. الخ مع السماح للملاك بالتاجير للعيادات الطبية و المكاتب و الشركات و بشرط ان يكون كل ما سبق من الانشطة التي لا تصدر اصواتا مزعجة للسكان.
و هكذا سوف نرى الحياة تدب في الشوارع و يتم التقليل او القضاء على معدل الجريمة و سوف تصبح هذه الاماكن الجديدة اكثر جذبا للسكان مما يقلل الضغط و الزحام على المدن الكبرى و العواصم و ما يتبع ذلك من صفاء البيئة.
مع صرامة الدولة في مهلة الانتهاء من التصاميم و مهلة الانتهاء من البناء و مهلة جديدة للانتهاء من التشطيب و مهلة اخرى للسكن و الاعمار.
هلم الى نموذج بناء جديد فيه حياة - حياة عصرية - و مجتمع راق.