بعد انسحاب أكبر 3 دول ولا أفق لوساطة.. إيكواس في مهب الريح
فى خطوة رأى محللون أنها "تحمل خسارة كبيرة للمنظمة ومستقبلا مضطربا لتلك الدول"، أعلنت الأنظمة العسكرية الحاكمة فى مالى وبوركينا فاسو والنيجر، الأحد، الانسحاب الفورى من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس"، وسط انعدام أى أفق قريب للحل.
وتلقت إيكواس، التى تضم 15 دولة، تلك الضربة المؤلمة، من 3 دول مهمة ومؤثرة بغرب أفريقيا، ما يفتح الباب لاحتمال تصدعها، فى ظل ضغوط غربية متصاعدة عليها لاسيما من فرنسا، واستمرار أنظمة الدول الثلاث فى مواقفها الرافضة لأى عقوبات والمطالبة بالاعتراف بها.
وكانت قد أعلنت الأنظمة العسكرية الحاكمة فى بوركينا فاسو ومالى والنيجر فى بيانها المشترك، أنهم "يقررون بسيادة كاملة الانسحاب الفورى لبوركينا فاسو ومالى والنيجر من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا مع تحملهم كافة مسؤولياتهم أمام التاريخ واستجابة لتوقعات وتطلعات شعوبهم".
انعدام الأمن
وتواجه الدول الثلاث انعداما للأمن وعنفا ترتكبه جماعات إرهابية وأوضاعا اجتماعية متردية، وتوترت علاقاتها مع إيكواس منذ أن استولى الجيش على السلطة فى مالى عام 2020، وفى بوركينا فاسو عام 2022، وفى النيجر عام 2023.
وتحاول إيكواس وقف موجة الانقلابات والضغط من أجل عودة المدنيين إلى السلطة فى أسرع وقت، وفرضت عقوبات شديدة على مالى والنيجر، وذهبت إلى حد التهديد باستخدام القوة إزاء الانقلابين النيجريين، وعلقت مشاركة الدول الثلاث فى مؤسساتها.
ووقع قادة الأنظمة العسكرية الحاكمة فى النيجر ومالى وبوركينا فاسو، اتفاقا فى 16 سبتمبر 2023 فى باماكو، والذى بموجبه تتعهد الدول الثلاث بمساعدة بعضها البعض فى حالة وقوع أى تمرد أو عدوان خارجى ضد أى منها، واعتبار أى اعتداء على سيادة وسلامة طرف أو أكثر من الأطراف الموقعة عليه، عدوانا على الأطراف الأخرى.
أوضاع "ستزداد سوءا"
على مسافة ليست بعيدة، يرى محللون أن الأوضاع "ستزداد سوءا" فى تلك المنطقة لأسباب تالية:
تخضع إيكواس للقوى الأجنبية مع اتهامها من البعض بأنها أصبحت دمية فى يد فرنسا ودول غربية تحركها عسكريا واقتصاديا وتستغل ثروات دولها مع حرمان شعوبها من أبسط شروط التنمية الاقتصادية.
عدم وضع خطة انتقال سلمى للسلطة وتنظيم انتخابات نزيهة من المجالس التى سيطرت على الحكم، سيجعل الأزمة تتطور أكثر وتستمر وسط شعوب تعد الخاسر الأكبر فى ظل معاناة سنوات ماضية بين الفقر والحروب والأمراض وضياع ثرواتها مع خضوع أنظمة سابقة للغرب وتحديدا فرنسا.
من المستبعد أن تؤدى وساطات دول المنظمة لحل النزاعات فى هذه المرحلة الحالية.
الدول الكبرى تمتلك إمكانية الوساطة، لكن يجب أن تتدخل بحكمة وتنحى مصالحها جانبا، لأنه حان للشعوب الأفريقية أن تنعم بثرواتها.
الانسحاب الثلاثى بداية لصراع أكبر، مع إنشاء التحالف العسكرى الثلاثى، يقابله إمكانية استمرار إيكواس فى التهديد بالعقوبات الاقتصادية والتدخل العسكرى.
الانسحاب يعنى مزيدا من إضعاف الإيكواس فى ظل أنه لا احتمال لرجوع تلك الدول قريبا للمنظمة، إلا لو هناك إصلاحات داخلية طالتها تنفى عنها إمكانية التأثير الخارجى كما تقول الدول.
قرار تلك الدول قد يراه البعض مزيدا من العزلة لها، لكن فى ظل طبيعة التحالف الثلاثى العسكرى وربما الاقتصادى بينها ما يقلل من هذا السيناريو.
الإيكواس بفقد 3 دول مهمة فى دول الساحل ستبقى الخاسر الأكبر.
لا احتمالات لوجود وساطات تلوح فى الأفق أو إمكانية رجوع قريب للدول للمنظمة، إلا بمزيد من الإصلاحات الداخلية للمنظمة وهذا غير متوقع حاليا.
نبذة عن إيكواس
تأسست "إيكواس" فى عام 1975 بهدف تعزيز التنمية الاقتصادية بين أعضائها الـ15، وشهدت دولها صراعات مسلحة، سواء مع انقلابات أو ضد جماعات تمرد أو أخرى إرهابية، وتنفى المنظمة عادة خضوعها لأى ضغوط غربية.
مقرها العاصمة النيجيرية أبوجا وتضم دول تتحدث الفرنسية، وهى: بوركينا فاسو وبنين وغينيا وساحل العاج ومالى والنيجر والسنغال وتوغو، إلى جانب أخرى ناطقة بالإنجليزية هى: غامبيا وغانا وليبيريا ونيجيريا وسيراليون، وعضوان ناطقان بالبرتغالية، هما الرأس الأخضر وغينيا بيساو.
كانت المنظمة تضم موريتانيا لكنها انسحبت منها عام 2001.
يبلغ مجموع سكان مجموعة إيكواس نحو 350 مليون نسمة حسب إحصاءات تعود إلى عام 2021، بينما تبلغ مساحتها الإجمالية 5 ملايين كيلو متر مربع، أى 17% من إجمالى مساحة قارة أفريقيا.