ملاك ومستأجرون وخبراء: قانون تعديل الإيجارات القديمة يضرب مصالح المجتمع
اتفق ملاك عقارات ومستأجرون وخبراء، شاركوا بندوة مناقشة مشروع قانون تعديل الإيجارات القديمة، التى نظمها المعهد الديمقراطي المصري مساء الأربعاء بنادى المحامين النهري بالعجوزة، ضمن فعاليات العام التاسع لمشروع متابعة الأداء البرلماني، على خطورة مواد مشروع القانون على الأمن الاجتماعي، واستحالة تحقيقه المرغوب من تعديل العلاقة الإيجارية بين الملاك والمستأجرين، والتى ستدخل الحكومة نفسها طرفًا فيها حال تطبيق هذا القانون.
وقال الدكتور زهدى الشامى نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إن البرلمان لديه إصرار على تمرير تشريعات تضرب استقرار المجتمع وعلاقات أفراده ومصالحهم، بفرض نموذج رأسمالي وتطبيق سياسات السوق الحر بالمخالفة لدستور متفق عليه لا يقرها، لافتًا إلى الأزمة العقارية التى هزت أمريكا وأضرت باقتصادها، وهو ما تريد الحكومة بمصر فعله بتحرير العلاقة الإيجارية وزيادة الضريبة العقارية على حساب طبقات مطحونة لا يناسب أوضاعها اقتصاد الريع الذي ارتفعت معه أسعار السلع والعملات الأجنبية مقابل الجنيه بعد قرار تعويمه الذي أضر بالاقتصاد المصري ولم يضف شيئًا إيجابيًا له.
وأضاف الشامي، أن حكم الدستورية حسم مسألة قانونية توريث عقود الإيجار لمرة واحدة حتى وفاة آخر وريث، لكن حوار نواب حول مشروع القانون يؤكد أن مجموعة مصالح تدفعهم باتجاه تمريره ليشكل إخلاء المساكن من المستأجرين خطورة على المجتمع والأسرة أكبر من خطورة إخلاء الأراضي الزراعية، فى وقت تزداد فيه معدلات البطالة والتضخم وصعوبة العيش، ناصحًا بقانون يتعامل مع حالات متنوعة ولا يؤصل لطرد المستأجرين ويراعى حقوق الملاك فى قيمة إيجارية عادلة.
أما المهندس أشرف عبد الفتاح السكري، رئيس جمعية حقوق المضارين من قانون الإيجارات القديم، بوصف القانون القديم بالظالم للملاك والمستأجرين والدولة والمجتمع والمخالفة للشريعة الإسلامية، وتسبب فى تنامى أعداد العشوائيات والمساكن الآيلة للسقوط مع ابتعاد الجهة الادارية بالأحياء عن حماية سكانها، مؤكدًا أن الاستثمار فى العقول العقارية تراجع لحساب عقول تبنى لأجل التمليك فى مخالفات بنائية وأخرى ترمى بالبسطاء فى المناطق الخطرة والمقابر، جعلت أزمة الإسكان فى مصر متعددة الأوجه وخلقت نوعًا من الفوضي فى الشارع المصري، شمل مجالات المرور والصحة والمرافق والتعليم وغيرها.
وأضاف السكري، أن الجمعية تطلب قانونًا عادلًا لا يضر بالملاك والمستأجرين، وأن تحل الدولة طرفًا أساسيًا ضامنًا لحماية المواطنين فى السكن الملائم طبقًا للدستور، مع تزايد معدلات انهيار العقارات، وغلق آلاف الشقق، وعدم مراعاة الملايين من سكان الريف الذين لا يستفيدون من الإيجار القديم غير المعمول به لدي مجتمعاتهم، وإنكار حقيقة أن الثروة العقارية ملك للمجتمع كله، مؤكدًا أن مشروع القانون الجديد لم يحدد كيفية فك الارتباط مع الجهات الحكومية المستأجرة لأي عين، وأن إهمال تعديل القانون لسنوات نتج عنه تكدس المحاكم بأكثر من 600 ألف قضية بين ملاك ومستأجرين.
وفيما أكد الدكتور أحمد البحيري المستشار القانوني لحزب الوفد، أن مشروع القانون الذي قدمه الحزب، ينظم عملية تنفيذه على 3 مراحل أولها على 6 أشهر للعقارات الآيلة للسقوط، والثانية خلال عام للمحال التجارية، والثالثة خلال 5 سنوات للوحدات السكنية، اعتبر مجدي عبد الرحمن المحام بالنقض، مشروع القانون دون وضوح لآليات وضوابط تنفيذ عادلة، كما انتقد تجاهل أعضاء مجلس النواب أية حوارات مجتمعية تتم دعوتهم إليها حوله وغيره من التشريعات المهددة تفاصيلها لاستقرار المجتمع.
وقال نبيل فزيع المحام بالنقض، إن صياغة مشروع القانون الجديد لا ترق لمستوى التشريع، لمطاطية ألفاظه وعدم دقتها ووضوحها، وتضارب وتناقض مقاصدها مع الدستور، لافتًا إلى احتياج العلاقة الإيجارية إلى تعديل مبدأ الاتفاق على القيمة وليس إنهاء العقود السارية بقانون، بمجرد إقرار قانون آخر جديد، أسوأ ما فيه أنه يحيل آلية وطريقة تنفيذ مواده الحساسة إلى اللائحة التنفيذية، حتى إن المشروع لم يحدد ماهية الوحدات والمحال التى سيطبق عليها القانون الجديد. وأضاف فزيع، أن تشريد ملايين الأسر هو الهدف المستتر وراء مشروع القانون الجديد، الذي يقر شرائح كبيرة من مضاعفات القيمة الإيجارية للوحدات السكنية خلال سنوات معدودة، ما يجعل المستأجرين مادة خصبة لاستثمارات بنوك فى التأجير التمويلي، حيث لا يضمنون قيام الدولة بتعويضهم صراحة ومنحهم الأولوية فى الحصول على وحدات الإسكان بمشروعات تنفذها، يؤكد الواقع تأخرها فى تسليمها لطالبيها ومستحقيها، مستنكرًا إهمال مشروع القانون تحديد حد أدني وأقصى للقيمة الإيجارية للمحال والشقق فى مصر، طبقًا للمستوى الاجتماعي والمادي لكل منطقة سكنية وشريحة اجتماعية، بما يضمن عدم تحويل حق السكن إلى سلعة يضارب بأسعارها المتاجرون بهموم المواطنين واحتياجاتهم. وفيما وصف عماد رمضان مدير المعهد الديمقراطي قرارات الحكومة فى الستينيات بشأن تخفيض القيمة الإيجارية بأنها مجال لبحث دولة عن ترويج سياسي لنظامها الحاكم.
لفت الكاتب الصحفي حسين متولى، إلى حقيقة مقصد جهاز الإحصاء من تحديد مبلغ 1200 جنيه كحد أدني للأجور على اعتبار أنه حق للفرد وليست للعائل، وأن خط الفقر تحرك تقديره إلى 490 جنيه تقريبًا ما يعني أن التضخم يضرب بإمكانية احتساب نسبة 25 – 30 % من الدخل كنفقات للسكن طبقًا لتقديرات أنظمة اقتصادية عالمية يتشدق بها البعض فى "تسعير" حق السكن، مشيرًا إلى إرجاء البرلمان مشروع القانون حتى الانتهاء من تعديلات القانون 119 لسنة 2008 ، ومطالبًا بمراعاة دخول المواطنين والشرائح الاجتماعية الدنيا فى تقدير الزيادات المتوقعة على القيمة الإيجارية مستقبلًا.