«إسكان نيوز» تفتح ملف سبوبة المكافآت
لجان وزارة الإسكان ..«المال السايب يعلم السرقة والإهدار ويوقف الإنجاز»
** وزارة الإسكان بها أكثر من 60 لجنة والمجتمعات العمرانية ما يزيد عن الـ40
** قيادات مكتب وزير الإسكان مشتركون فى أكثر من 40 لجنة ..ومبدأ المجاملة أساس وضع اللجان
داخل مغارة وزارة الإسكان، لا شئ يُلفت النظر أكثر من «سبوبة اللجان» التى وضعت من أجل مكافآت الكبار وإهدار المال العام .. لجان هنا وهناك .. وكشوف أسماء هنا وهناك .. كشوف مليئة بأسماء أصحاب الحظوة فى «لجان البركة والمجاملة وإهدار المال العام» .. نعم؛ قالوا فى الأمثال:«المال السايب يعلم السرقة، يعلم الإهدار، يولد الضغينة، يوقف الإنجاز».
عشرات، بل مئات اللجان فى ديوان وزارة الإسكان، وهيئة المجتمعات العمرانية والأجهزة التابعة، لا تعرف لماذا وضعت؟ وما الفائدة منها؟ وما المعايير؟.. لن تجد إجابة غير: «جاملنى وأجاملك .. حطنى فى لجنة وأحطك فى أخرى»، مبدأ يسير به قيادات وزارة الإسكان والمتحكمين فى مقاليد الأمور بالوزارة .. لجنة من أجل «الخروف»، وثانية من أجل «جردل الخروف»، وثالثة من أجل «علف الخروف»، ورابعة، وخامسة، وسادسة يأتى الخروف فى جملة مفيدة .. كلها للجان لا يعرف ما يقدمه أفرادها غير صرف قيمة بدل الجلسات.
يتبع مكتب وزير الإسكان أكثر من 60 لجنة، يتحكم فيها قيادات مقربة جدًا من الوزير إذا أحصيت عدد هذه اللجان ستجد المرأة الحديدية رئيس قطاع مكتب وزير الإسكان، المهندسة رانده المنشاوى، موجودة فى هذه اللجان جميعها، يشاركها وينافسها فى التواجد باللجان المهندس خالد عباس، المستشار الفنى لوزير الإسكان، وظل الوزير، بالإضافة إلى أسماء أخرى لقيادات سنكشف بالمستندات استيلائهم على عشرات اللجان وجمع رواتب شهرية طائلة من خلف هذه السبوبة .
إذا سألت وزير الإسكان: على أى أساس تُشكل هذه اللجان؟ وما هى الداعى لها، وعلى أى أسس أو قواعد أو مبررات توضع؟ لن تجد إجابة من الوزير، فهو نفسه يشترك فى عشرات اللجان الداخلية والخارجية الممتدة حتى مجلس الوزراء والوزرات المشتركة مع وزارة الإسكان فى نقاط تماس .
كل قيادى فى ديوان عام وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية، يرأس عشرات اللجان ويضع أسماء الزملاء والمعارف من القيادات بسبب ودون سبب، بداعى ودون داعى، كله من أجل المجاملة وزيادة حصيلة المكافآت، التى ترفع سقف المرتب الشهرى للسيد المسئول، وياليت صغار الموظفين ينالهم من هذه اللجان جزء تحت مبدأ «المساواة فى الظلم».
ملف اللجان فى وزارة الإسكان، الذى تفتح سطوره «إسكان نيوز»،وما حصل عليه «الموقع» من مستندات حول تشكيل اللجان والأسماء الموضوعة فى لجان «عمال على بطال» شئ يفوق الخيال ويبعث فى أى نفس مهما كانت سوية الحقد والحسد، كبار قيادات الوزارة وهيئة المجتمعات والأجهزة التابعة والهيئات وأسماء من خارج الوزارة تحصل على مكافآت لجان البركة الموضوعة بآلاف الجنيهات، ولم ينظر الوزير القائم على أمر وزارته إلى أحوال البلاد ومعاناة الشعب، ودعوات الرئيس لترشيد الإنفاق الحكومى ويعمل على ترشيد نفقات اللجان، فمن أين تأتى الانجازات وأموال الوزارة وميزانية الدولة تهدر على تشكيل اللجان.
قاربت عدد اللجان التى تم حصرها فى وزارة الإسكان التابعة لمكتب الوزير حتى الآن ـ وهى ليست جميع اللجان ـ إلى ما يزيد عن 60 لجنة، ولن نكون مبالغين إذا قلنا:« إن رانده المنشاوى رئيس قطاع مكتب الوزير، وخالد عباس، والدكتور على الشريف، ونفيسة هاشم، وغيرهم متواجدون فى أكثر من 50 لجنة من هذه اللجان»، كل لجنة من هذه اللجان بدلها فى الجلسة الواحدة 500 جنيه وتعقد فى الشهر الواحد ما يصل لـ5 مرات، ليصبح نصيب كبار القيادات من اللجنة الواحدة ما يصل لـ2500 جنيه، وبحسبه بسيطة نستطيع أن نعرف دخل كل قيادى من كبار قيادات وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية من بند اللجان فقط .
وصل عدد اللجان التى تم حصرها لهيئة المجتمعات العمرانية ما يزيد عن 40 لجنة أيضا, تشكيل هذه الأعداد من اللجان تحول إلى أمر غير مسبوق فى تاريخ الوزارة، وحملها أعباء مالية وإدارية ثقيلة، كانت سببًا فى ابطاء إنجاز المشاريع لتستمر اللجان فى عملها لتتقاضى المكافآت، وتأخرت معها إصدار القرارات دون أى مبرر قانونى أو فنى أو منطقى.
الأمر وصل لدجة أن هناك مشروعات ألغيت أنفقت على لجانها ملايين الجنيهات ومشروعات أخرى تعرض للتوقف أو الفشل أو الإلغاء ولم ينجح فيها غير تشكيل وصرف مكافآت اللجان.
داخل هيئة المجتمعات العمرانية، نصت اللائحة العقارية للهيئة على تأسيس وانشاء بعض اللجان الرئيسية التى تختص بأعمال غاية فى الخطورة والتى تتطلب قدرًا كبيرًا من الدقة والشفافية، مثل :«اللجنة العقارية، ولجنة التسعير، ولجنة التظلمات، ولجنة العقود»، ولكن تحول الأمر إلى تحويل المهام اليومية والاختصاصات المحددة لمختلف إدارات وقطاعات الوزارة من عملهم الطبيعى الرسمى إلى مهام تخص لجان تُشكل لهذا الغرض بهدف «الاسترزاق» و«النهب المنظم للمال العام»، فى مهزلة كبيرة لا تُرى إلا داخل وزارة الإسكان.
من أمثلة هذه اللجان: « اللجنة الرئيسية للتخطيط والمشروعات»، وقد حُددت مهام اللجنة فى مراجعة مشروعات المستثمرين ومراجعة القرارات الوزارية قبل الاعتماد من الوزير، ومراجعة الشروط الفنية لكراسات طرح الأراضى ودراسة مقترحات تعديل الاشتراطات البنائية والأنشطة لقطع الأراضى وجميع هذه المهام، رغم أن هذه المهام هى مهام رئيسية من صميم وأساس عمل قطاع التخطيط والمشروعات الذى انشئ من أجلها قطاع التخطيط والمشروعات، ليقوم بهذه المهام منذ عشرات السنين، ولكن تحولت اليوم مهام العمل اليومى لقطاع التخطيط والمشروعات أو الشئون الفنية إلى مهام لجان «رئيسية – ولجان فنية – معارف ..إلخ».
فإذا كانت مثل هذه المهام هى مهام لجنة التخطيط والمشروعات، وليست مهام قطاع التخطيط والمشروعات، فما هى المهام الأساسية والرئيسية الموكله لهذا القطاع؟!.. وكيف يتحول عمل الموظف الذى يتقاضى عنه أجر وراتب شهرى إلى عمل إضافى يحصل عليه فرد فى لجنة دون غيره وهو أساس عمله وتخصصه؟.
لا يتوقف الأمر عند تشكيل اللجان دون أسباب ومعايير وإنما امتد الأمر إلى تداخل مهام اللجان وتشكيل أكثر من لجنة لذات المهمة، على سبيل المثال توجد لجنة للمرافق،وأخرى للغاز الطبيعى وثالثة لفتح وتفريغ عطاءات الكهرباء، فما الحاجة إلى كل هذه اللجان رغم أنهم جميعًا تابعين للمرافق؟، فمثل هذه البنود والفروع تدخل ضمن أعمال لجنة المرافق المقترحة أن تكون مسئولة عن كل ما يتعلق بعمل المرافق.
كذلك تشكيل لجنة لشئون المقر الخاص بهيئة المجتمعات العمرانية، والمفترض أن تكون هذه اللجنة مسئولة عن كل ما يتعلق بالمقر من أعمال ترميمات وتوريدات من أجل تحسين كفاءة وتشغيل مبنى الوزارة ووحداته ، ولكن من أجل «الاكراميات والمجاملات» ينبثق عن اللجنة الأم لجان أخرى، فنجد لجنة أخرى لصيانة الأجهزة الموجودة برئاسة الهيئة، ولجنة للتكهين، وأخرى للتخزين وغيرها .
وأيضًا هناك عدد من اللجان توزع عليها مهام واحدة، وعلى سبيل المثال هناك لجنة مختصة للإعلانات تقوم بمراجعة واعتماد كل ما يتعلق بالإعلانات الصادرة عن مختلف مشروعات الهيئة، إلا أنه هناك لجنة أخرى لمراجعة الإعلانات الخاصة بطرح الأراضى .
مع بدعة تشكيل اللجان فى وزارة الإسكان التى تفنن فيها وزراء الإسكان وخاصة وزير الإسكان الأسبق المهندس إبراهيم محلب، تحول الأمر إلى حالة من السفه ضربت بكل قرارات مجلس الوزراء عن التقشف وترشيد النفقات عرض الحائط، فالهدف من انشاء اللجان هو دراسة موضوعات خاصة وإصدار قرارات بشأنها، أما تشكيل لجان لمتابعة تنفيذ المشروعات والأعمال فهذا قمة «السفه والاستهبال»، لأن متابعة التنفيذ والإشراف وخلافه أعمال هى المهمة الأولى لأى إدارة، أما تشكيل لجان لمتابعة التنفيذ فهذا أمر غير مفهوم أيضًا ليس غرضه إلا إهدار المال العام، مثال ذلك نموذج واحد فى تشكيل «لجنة عليا» لمتابعة تنفيذ محطة معالجة الصرف الصحى بالقاهرة الجديدة، ولجنة لمتابعة تنفيذ المشروع القومى، ولجنة دائمة لمتابعة أعمال مكتب الوزير.
والشئ المضحك، لجان لمتابعة أعمال الوزير المخصص له عدد 3 وكلاء أول وزارة، كل اسم منهم مشترك فى عشرات اللجان من 60 لجنة تابعة لمكتب الوزير، أحدهم وكيل وزارة مشرف عام على قطاع مكتب الوزير، والثانى وكيل أول لشئون مكتب الوزير، والثالث رئيس إدارة مركزية لشئون مكتب الوزير، كل هؤلاء بالموظفين والادارات التابعة لهم لا يكفوا لإنجاز أعمال مكتب الوزير فيتم تشكيل لجنة خاصة لإنجاز أعمال مكتب السيد الوزير .
سيل قرارات انشاء اللجان التى لا مبرر لها وصل إلى حد اصدار قرارات بإنشاء لجان لا يمكن توصيفها فى أى قاموس أو مرجع، فقد صدر قرار وزارى بتشكيل إحدى اللجان يتضمن فى عنوانه «استئناف العمل بالوحدة الرئيسية لتلقى الشكاوى من رئاسة الجمهورية »، وهى اللجنة التى تم تشكيلها مع وزير الإسكان الأسبق طارق وفيق.
لقد تسببت اللجان من الناحية الإدارية والفنية فى العديد من الكوارث التى تحدث نتيجة تضخم عدد لجان العمل بالهيئة، فتحولت الأعمال الاعتيادية اليومية لأى موظف بالهيئة ـ خاصة فى قطاع التخطيط والمشروعات ـ ضمن أعمال لجان ترتب لها أوراق، ومقرر لها مكافات وحوافز، ما يؤدى الى استهلاك 10 أضعاف الوقت الأصلى الذى يحتاجه إنجاز أى عمل لأن هذا العمل الذى يتم من خلال تسلسل إدارى لعدد من الأفراد أصبح يمر على أمانات فنية، ولجان معاونة، ولجان رئيسية، ويستهلك عشرات التوقيعات حتى يظهر للنور، فكيف يطلب أحد بعد كل ذلك سرعة الإنجاز والسباق مع الزمن؟ .
كما أن تشكيل لجان لكل شئ، وبعشرات الأفراد لا يتوقف ضرره عند الأعباء المالية أو التأخر فى إنجاز العمل فقط، بل أنه أصبح فى حد ذاته هدفا لتوزيع المسئولية على أكبر عدد من الأفراد، مما يصعب معه محاسبة المسئولين فى حال التلاعب ومخالفة القواعد.
بعد ثورة 25 يناير استجابت وزارة الإسكان لطلب العاملين بالمدن الجديدة حول إلغاء اللجان، وإلغاء صرف بدلات هذه اللجان برئاسة الهيئة وتوزيعها على الموظفين كحوافز ثابتة بجميع المدن، واصدر وقتها وزير الإسكان قرار بالحد الأقصى للجان مكتب الوزير بـ5 لجان فقط، وتم إيقاف صرف أى بدلات أو حوافز للجان الهيئة، إلا أن أباطرة النهب جاهدوا لتعديل الأمر ليكون الصرف فى هذه اللجان طبقا للقرار الوزارى رقم (161 ) أى فى حدود 100 جنيه للجلسة لكل عضو، ثم تلى ذلك عن طريق حاشية الوزير تعديل قرارات اللجان لتكون المكافأة 500 جنيه للجلسة، وعندما صرح رئيس الدولة بأن تطبيق الحد الأقصى للاجور أصبح لا مفر منه وواجب النفاذ، لجأ هؤلاء المخادعون، إلى اختراع جديد بتحويل جزء من بدل حضور الجلسات إلى بدل انتقال، وحصلوا على موافقة من إبراهيم محلب ـ وقت أن كان وزيرًا للإسكان ـ بعدم حساب بدل الانتقال فى أحد اللجان ضمن الحد الأقصى، ثم تلى ذلك قيام الشئون المالية بتعميم هذه الموافقة على جميع اللجان على الرغم من أن جميع من يتقاضون اللجان منهم من يستقل سيارات مؤجرة بواسطة شركات المقاولات أو خاصة بجهة العمل، مما يمثل إزدواجية فى الصرف والتى تعد بمثابة قمة إهدار المال العام.
وجاهد حاشية الوزير حتى قاموا بتعديل المعادلة المالية للعديد من اللجان ليصبح كامل المبلغ المنصرف عبارة عن بدل انتقال فقط، وبذلك يحصلون شهريا على آلاف الجنيهات التى لا تحتسب ضمن الحد الأقصى للأجور .. تفاصيل القرارات وأسماء قيادات وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية من أباطرة اللجان تنشرها «إسكان نيوز» بالمستندات تباعًا .